الرئيسية / السياسية / لبنان: تحوّلات في نتائج الانتخابات الشماليّة

لبنان: تحوّلات في نتائج الانتخابات الشماليّة

شهدت الدوائر الانتخابية الثلاث في منطقة الشمال اللبنانية عدة متغيرات، وحملت مفاجآت يوصف بعضها بـ “العيار الثقيل” إثر إعلان وزارة الداخلية اللبنانية نتائجها بشكل رسمي.

الدائرة الأولى: عكار، المتاخمة للحدود السورية اللبنانية، والمفاجأة تحقيق محور المقاومة انقلاباً تامّاً فيها، ونجاح كتلة مؤلفة من مرشحين مقرّبين من قوى الثامن من آذار، والمقاومة، بالتحالف مع التيار الوطني الحر. أعداد مقاعد الدائرة سبعة، موزعة على 3 مقاعد سنيّة ومقعدين أرثوذكسيين، ومقعد ماروني، ومقعد علوي.

المفارقة في الأمر أن عكار اعتبرت خزّاناً بشريّاً رفد تيار “المستقبل” بالجمهور والقوة، وخصوصاً منذ اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في العام 2005، ولم يكن ممكناً كسر المعادلة طيلة الأعوام السبعة عشرة المنصرمة أو تحقيق خرق للائحة التي لطالما دعمها تيار “المستقبل”.

في دورة 2018 الانتخابية، كانت المفاجأة في ترشّح بعض المقربين من سوريا ضمن لائحة تيار المستقبل، ومنهم وليد البعريني، ابن العائلة التي ارتقت سياسياً واجتماعياً واقتصادياً على خلفية العلاقة المتينة مع الجانب السوري، ومحمد سليمان ابن المنطقة المتاخمة للحدود مع سوريا، أي منطقة وادي خالد، والذي سبق أن ربطته علاقات مع الداخل السوري، وخصوصاً تجارياً.

ومنذ إعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اعتكافه عن الترشح، والطلب من مختلف أنصاره مقاطعة الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً، ابتعد البعريني وسليمان عن القرار الحريري، فكلاهما حلفاء انتخابيون للحريري، لكنهما لم ينضويا في إطار تيار “المستقبل”، وقرّرا المضيّ في المعركة الحاليّة على حسابهما، وضمّا بعض المرشحين الجدد إلى اللائحة.

بالموازاة مع هذه اللائحة، خاضت المعركة لائحة أخرى شكّلها نائب سابق من وادي خالد أيضاً، هو محمد يحيي المقرّب من سوريا، بالتحالف مع “التيار الوطني الحرّ”، متمثّلاً بمرشحَين هما النائب الحالي أسعد ضرغام (أرتودكسي) وجيمي جبور (ماروني)، إضافة إلى مرشح من الحزب السوري القومي الاجتماعي وأعضاء آخرين.

هاتان اللائحتان حصلتا على العتبات الانتخابية، وحققت لائحة البعريني 4 حواصل انتخابية، فيما حققت لائحة يحيي 3 حواصل، فانحصر الفائزون بهما، في حين لم تحقق أي من بقية اللوائح الست أية حواصل.

بذلك، يمكن القول إن المشهد السياسيّ في الدائرة الأولى انحصر بلائحتين مقرّبتين من سوريا ومحور المقاومة، وفشلت مختلف القوى الأخرى، وخصوصاً تلك التي رفعت راية العداء للمقاومة وسوريا، وشارك بعضها في معارك مختلفة أمنيّاً وعسكريّاً وسياسيّاً ضدّهما.

من مفارقات الدورة الحالية غياب آل المرعبي عن التمثيل لأول مرة في تاريخ لبنان، مع العلم أن لائحة شكّلها النائب السابق طلال المرعبي بالتحالف مع “القوات اللبنانية”، لم تصل إلى العتبة الانتخابية. نجل المرعبي – طارق- كان نائباً عن الدائرة على لائحة “المستقبل” في دورة العام 2018.

الدائرة الثانية: طرابلس-الضنية-المنية التي شكّلت رافداً مستقبليّاً على غرار الدائرة الأولى منذ العام 2005، وحدث فيها بعض الخرق في الدورة السابقة في العام 2018، وخصوصاً بخوض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المعركة بلائحة خاصة به، وفوزه بأربعة مقاعد من أصل 8 في طرابلس، إضافة إلى النائب فيصل كرامي والنائب جهاد الصمد (الضنية).

أعطت هذه الدائرة 5 مقاعد مستقبلية، 3 منها في طرابلس، ومقعد في الضنية، ومقعد في المنية.

أكثر من مفاجأة اتسمت بها المعركة الحالية، وأهمها: خروج فيصل كرامي من المعركة، وغياب المنزل الكرامي العريق في مدينة طرابلس، وفوز الوزير السابق أشرف ريفي بثلاثة مقاعد، واحد منها لـ”القوات اللبنانية”، وبروز أسماء جديدة بعضها من تحركات 17 تشرين، مثل الدكتور رامي فنج، وعبد العزيز الصمد من الضنية، وأحمد الخير من المنية، وبروز اسم جديد غير معروف سابقاً قادم من حقل العمل التجاري المهجريّ، هو إيهاب مطر، وأسماء جديدة أخرى.

ويمكن الاعتبار أن النائب جهاد الصمد هو الشخص الوحيد الذي كان نائباً في دورة العام 2018، وهو محسوب على قوى الثامن من آذار، إلى جانب الفائز الجديد الدكتور طه ناجي من جمعية “المشاريع الخيرية الإسلامية” (الأحباش).

بمعنى آخر، شهدت الدائرة الثانية تغيراً ملموساً في زيّها السياسي بغياب تيار “المستقبل” والرئيس ميقاتي.

الدائرة الثالثة: زغرتا (3 مقاعد) – الكورة (مقعدان) – البترون (مقعدان) – بشري (مقعدان)، والمفاجأة المدوية فيها هي تحقيق تيار “المردة” (فرنجيّة) خرقاً في عقر دار “القوات اللبنانية” بشرّي، حيث فاز وليام طوق -حليف فرنجية- بمقعد من اثنين إلى جانب السيدة استريدا جعجع، مع التذكير بما ساد العلاقة بين “المردة” و”القوات اللبنانية” من عداء ونفور وصراع حادّ سابق.

ومن المتغيرات التي لا بد من التوقف عندها فوز ميشال الدويهي في زغرتا – الزاوية من لائحة “شمالنا” المنتمية إلى تحركات الشارع 17 تشرين، فيما لم يسبق أن انحصرت حصة منزل فرنجية بمقعد واحد (طوني سليمان فرنجية) من أصل 3 مقاعد، كما حصل هذه المرة.

وغالباً ما شهدت دائرة زغرتا-الزاوية تقاسماً بين فرنجيّة، غالباً بمقعدين، وآل معوض بمقعد. وفي كثير من المعارك السابقة، تحالفت العائلتان في المعارك الانتخابيّة.

من مفارقات المعركة الحالية في هذه الدائرة دخول ممثلين من التحركات الشعبية في الكورة إلى البرلمان.

وفي البترون، تكرّر تقدّم “القوات اللبنانية” على رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوف محفوظةلشبكة الخيط الابيض - شكرا لتعاونكم معنا