الرئيسية / السياسية / عبد الكريم قاسم مازال حيا

عبد الكريم قاسم مازال حيا

في ذكرى ثورة 14تموز المجيدة ,حاولت ان اطالع مافي مكتبتي من كتب تعنى بهذه الثورة ومدلولاتها , وبشخصية الزعيم عبد الكريم قاسم بأعتباره زعيمها ,واحدالقادة الرواد في تفجيرها , فوجدت نفسي أقف عند محطة ,غير تلك التي يتداولها الكتاب ,فالعشرون كتابا التي بين يدي وسواها من الكتب الاخرى, غلبت عليها الخطابية دون الموضوعية , فحضور هذه الثورة في نفوس العراقيين مازال رومانسيا ولم تختمر بعد ابعادها ومدلولاتها وتأـثيرها على واقعنا المعاصر , بما في ذلك شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم , فكل الذي نقرأه عنه , انه كان بسيطا في ملبسه وطعامه , وان الذين تناولوا حياته انشغلوا بهذه الشؤون وان كانت مهمة , فيما الاجيال تحتاج الى استحضار هذه الشخصيات التاريخية من اجل التأثر بها ومحاولة تقليدها, وخاصة في (فن القيادة ) , وهذا ما نجده عند كتاب الدول المتقدمة مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية , حيث لم يغادروا صغيرة او كبيرة الا واوردوها عن تأريخ قادتهم التاريخيين , وفي جوانب متعددة , اعني السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثورية , عبر تبويب دقيق وممنهج , يستطيع الدارس والمواطن العادي ان يكون فكرة طيبة عنه.
المشكلة الاولى التي ستواجه القاريء العراقي عن شخصية عبد الكريم قاسم , ان اغلب ما الف عنه كان في مرحلة الضد منه , لذا غابت الحقائق واختفت الابعاد الحقيقية لهذه الشخصية خلف جدران الخوف والتردد والحقد والكراهية , كما عدم اتكاء الزعيم على حزب بعينه , افقده الكثير من اصحاب الاقلام الذين يقيمون الشخصية وفقا لاهوائهم الحزبية وليس الوطنية .
وانا انتهي من مطالعة الكتب التي بين يدي عن ثورة 14تموز وعن قائدها ورمزها عبد الكريم قاسم ,وجدت اني لم استطع ان اتفاعل مع الاراء المطروحة , ولاان ارسم الصورة الحقيقية لهذه الشخصية الفذة !! لذا أأمل ان يكون لجامعاتنا الدور الرائد في هذا المجال ,
فهذا الرجل الذي شهد له البعيد قبل القريب اذا لم يهتم به الحزبيون من اسلاميين وعلمانيين , فانه مشروع وطني كبير , استطاع وخلال فترة قصيرة امتدت من 14تموز 1958 م وحتى 8شباط 1963م ان يبني تجربة سياسية ناضجة في وقت كانت فيه الامة تعيش حالة من الهزيمة والانكسار وفقدان الثقة بانها قادرة على النهوض ( تنبهوا واستفيقو ا ايها العرب ..فقد طما الخطب حتى غاصت الركب ) ,واذا كانت بغداد العاصمة تعج بالعشوائيات , والفوضى , وسيطرت الاقطاع على الارض والانسان واستعباد بني الانسان لبعضهم البعض , فانه ومن خلال اعوامه القليلة ,استطاع ان ينشيء مدنا وان يستخرج الفقراء من تحت الاكواخ والصرائف ويسكنهم في منازل واحياء كبيرة , وان يعيد لهم الثقة بانفسهم بانهم ابناء هذا البلد ولهم حق العيش والحياة ,ويكفي مابين يدي من كتاب اامل من الاخرين مطالعته يحمل العنوان (تجربة عبد الكريم قاسم في التخطيط الاقتصادي ) لمؤلفه د. عبد الله شاتي وحيث يورد الكتاب كل التجارب الاقتصادية والتخطيط خلال سنوات حكم الزعيم , باعتبار انها تجربة اول نظام جمهوري ,ظهر في العراق , كما انها امتداد للمراحل الايجابية من عمر الامة , فمجلس الاعمار الذي تشكل عام 1950م في العهد الملكي كان الاساس للعهد الجمهوري الجديد ,الذي اعتمد اسسها واولياتها والمشاريع التي تم انجازها واتم مالم يستكمل , منها سد دوكان ودربندخان ومبازل الحلة والغراف والمسيب الخ. وهناك العشرات من المشاريع التي تمت المناقصات عليها والاتفاق مع الشركات لغرض انجازها .
ومع ان قادة ثورة تموز كانوا من الضباط العسكريين وان بيان الثورة الاول جاء خاليا من أي توجه اقتصادي ,عدا موضوع معادات الاقطاع وشركات النفط الاجنبية ,الاان الزعيم وجه بوصلة العمل باتجاه البناء والاعمار , وحين تحصي الانجازات التي تمت في فترة الثورة القصيرة تجد ان فيها من المفاجات الكثير .
لاشك , ان فقدان الرمزية ,في مراحل التحول التاريخي , تخلق الكثير من التلكوء والركود , وان ظهور طبقة السياسيين بأطوال واحدة يغيب الابداع والتجديد وضعف تحمل المسؤولية كما يحدث عندنا الان في العراق , وان اعادة انتاج الشخصيات الوطنية الهدف منه اثارة روح الثقة بالنفس فلم تكن شخصية عبد الكريم قاسم بالغريبة عن الواقع , فهو ابن اسرة فقيرة من ريف الصويرة و دخل المدرسة وتفوق ثم ذهب للدراسة في الخارج ليعود ظابطا عسكريا ناجحا , قاد فيما بعد ثورة ناجحة و حرر فيها الانسان العراقي من الظلم الاستعمار .
لانريد ان نعلم ابناءنا ان عبد الكريم قاسم , جاء صدفة وذهب صدفة ,واذا ما اردنا ان نراه فهو هناك على القمر كما كان اهلنا يبحثون عنه ,بعد استشهاده , ان عبد الكريم بيننا وربما لم يجد فرصته لان يقدم شيأ لشعبه , او مازال صغيرا يلعب مع التلاميذ في ساحة المدرسة , وسيكبر ليكون زعيما يبني ويعمر ويهتف لحب الوطن وما زالت الكثير من التحديات امامه ومشاريع تنتظر الانجاز وانسان يحتاج الى اعادةالبناء , لكن اشد مااخشاه ان نتامر عليه ونقتله ثانية , ونلقي جثته في النهر وقد عرف عنا مثل ذلك الكثير !!
الكاتب والمحلل السياسي
الاسم: محمود الهاشمي
الصفة: كاتب ومحلل سياسي
المواليد /1954
عمل في مجال التدريس
البلد: العراق- بغداد
المناصب الاعلامية:
1- مدير تحليل صحيفة الدعوة
2- مدير تحرير صحيفة العدالة
3- مدير تحرير صحيفة المواطن
4- مدير تحرير صحيفة صوت العراق
5- مدير تحرير صحيفة الاحرار
6- مدير تحرير مجلة المزارات
7- رئيس رابطة الخبراء والمحللين السياسيين الدولية \ فرع العراق
8- كتابة اكثر من 1000 دراسة ومقال اغلبها منشور في الوكالات والصحف
9- امين سر المرصد الوطني للاعلام
10- مدير مركز التحليل السياسي لاتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية
11- عضو نقابة الصحفيين العراقية بصفة مدير تحرير
12- مستضاف من اكثر القنوات الفضائية العراقية والعربية والعالمية
13- *اديب – شاعر -قاص -اصدر عدة دواوين شعرية و مجاميع قصصية كتب العشرات من المقالات و الاعمدة في مجال السياسة و النقد الادبي وشارك بالعديد من المهرجانات الشعرية .
14-محلل سياسي مستضاف من قبل جميع القنوات ا المحلية والعربية والعالمية
15-شارك في العديد من المؤتمرات السياسية خارج العراق
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي شبكة الخيط الابيض وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوف محفوظةلشبكة الخيط الابيض - شكرا لتعاونكم معنا