الرئيسية / الادبية والثقافيه / ريم السيد : حكايات بالود نهنأ . الحكاية الثامنة

ريم السيد : حكايات بالود نهنأ . الحكاية الثامنة

خرج من بيته مُستاءً بعد أسبوعين من الزواج حيث بدأت الخلافات واختلاف الطباع والعادات ، حتى صار الخلاف على كل شيء ولكلٍ وجهة نظر ، ذهب لمجالسة أصحابه في مقهى اعتاده ، لاحظوا تغير مزاجه وبدأ كل واحد يُلقي بكلمة :
-كلما رأيتها تُحاول ابداء وجهة نظر مخالفة عاقبها كيلا تعتاد على فرض شيء .
ويهتف آخر :
-كلما أصابك الضيق بسببها اخرج واتركها ستنهار ضيقًا وبكاءً لأنك تلاشيتها.
ويُؤكد آخر :
-لا تُبالي لأفعالها ولا تهتم وتُظهر الضيق لئلا تستغل ذلك وتزداد عنادًا .
ثم قال آخرهم :
-النساء في هذه الفترة أكثر ما تخافه هو الفراق بسبب الخلاف لأن أهاليهم لن يسمحوا بذلك وسيرغموهن على العودة ، هددها بالطلاق ستسكت تمامًا ولن تُزعجك مرة أخرى .
أخذ كلماتهم وقرر أن يُطبقها كيلا تتمادى وتسوء الحياة ، وأكمل جلسته المليئة بنصائح الأصدقاء ثم قام عائدًا لبيته ليُنفذ ما سمع وامتلأت به أذنه ثم قام كل واحد فيهم للعودة لبيته .
لكن من حسن حظه اصطدم بزميل دراسة باعدت بينهم ظروف الحياة وما التقوا منذ أعوام ، تعانقا وأخبره أنه منذ لحظات فقط كان يجالس باقي الرفاق وتحدث كل واحد عن ظروف حياته الحالية وقال الزميل :
-تزوجت الحمد لله منذ سنة وزوجتي ستضع مولودتنا قريبًا .
ابتسم هو وقال :
-تزوجت منذ أسبوعين.
فهم الآخر أن الرجل ليس بسعيد فقال :
-أسبوعان وتُجالس رفاقك هذه الساعة ؟
سأله :
-وما المشكلة ؟
أجاب :
-المشكلة أن هذه الفترة لكما ، لتتعارفا ويعتاد كل واحد على الآخر ، تصلان لنقطة تجتمع فيها وجهاتكم المتطابقة .
-لا تطابق بيننا أبدًا ، خلاف على كل شيء .
-بالهدوء والتريث والوقت سيتغير كل شيء ، السنوات الأولى من الزواج ممتلئة بالمشاكل والخلافات فأنت من بيت وهي من آخر ومن الطبيعي أن تختلف الطباع والعادات ، لكن بالحب يمر كل شيء ، بالهدوء يحترم كل واحد الآخر ، بالرخاء في حين والشدة في حين تسير الأمور بشكل طبيعي ، بالاهتمام والنقاش للوصول لنقطة تلاقي يُحل كل شيء بهدوء ، مرة بعد مرة ستجد نفسك تبتعد عما يُزعجها وتجدها هي الأخرى تُحاول الابتعاد تمامًا عما يُزعجك ، لا تفرض رأيك وتلغي شخصيتها فحتمًا ستصاب بالضيق ومن ثم ستكون الحياة صعبة والخلافات قائمة لأن الضيق موجود ، اهتم لأمرها وقدم وجهة نظرك بهدوء وليس بالأمر .
كان يسمعه بوجهٍ عابس في البداية لكن مالبث أن انفرجت أساريره وتقبل كلماته وكأنها بلسم ، سأله بصوتٍ يخلو من الضيق :
-هل تفعل أنت ذلك ؟
-بالطبع أفعل ذلك وكانت تلك النصائح أيضًا من صديق لي بالعمل ولما امتثلت التريث في الأمور ومحاولة التماسك عند الخلاف ، وتقديم الحب والاهتمام في أوقات تعبها وانهماكها كنت أرى النتيجة في نفسيتها الهادئة ومحاولاتها الدائمة في محاولة تقديم أفضل ما أقدم لها ، فمن المستحيل أن تقدم لها الشيكولاتة مثلًا وأنت عائد للبيت فتخلق خلافًا بل بالعكس تذوب الخلافات تمامًا بتقديم كلمة بسيطة أو رسالة هادئة ، والأهم من كل ذلك ألا تتحدث عن خلافاتك معها وعن ضيق نفسك مع أحد ، ناقشها معها بهدوء .
ثم ابتسم الزميل وأردف :
-جرب أن تُرسل الآن رسالة لطيفة وتحمل معك قطعة شيكولاتة واحدة أو وردة أو على الأقل تدخل عليها بوجهٍ باسم مُناديًا باسمها وانتظر النتيجة .
ودع زميله بعدما أخذ رقمه بدافع دعوته للعشاء وزوجته في يوم قريب ، ونفذ ماأخبره به صديقه وما امتلأت به روحه من حلو الكلام والتفاؤل وعاد لبيته فوجدها في انتظاره بوجهٍ يعلوه السعادة والبهجة وراحت تعتذر له ويعتذر لها ، ويُخبرها بلقاء زميل دراسة ياليته كان صديقه المقرب . #ريم_السيد
ليس كل من اقترب منك وجالسك صديق فربما حطم حياتك بوجهة نظره الخاطئة ومنهاج حياته البعيد كل البعد عن الأخلاق والدين ، بينما ربما تتعثر في طريقك بزميل مااختلطت به يومًا لكنه كان الأجدر بكل الحب والصداقة ، جالس من يُصلحون حياتك وقلل ممن يُقدمون لك الخراب بكل سهولة ، فالزواج يحتاج إلى الرخاء والشدة واحترام الطرف الآخر وتبادل وجهات النظر والاعتذار وتقديم الحب وإلا ستكون الحياة مليئة بعناءٍ شديد.
بقلم / ريم السيد Reem Elsayed
من حكايات بالود نهنأ
الحكاية الثامنة 🌹