في يومٍ من الأيام تعطّلت سيارةُ امرأةٍ ثريّة على إحدى الطّرق السريعة، واُضطرّت هذه المرأة إلى النزول من سيارتها بمفردها، وبدأت تلوّح بيديها إلى السيارات المسرعة القادمة ولكن لم يتوقف لها أحد. مرّ الوقتُ وبدأ المطر يهطل وخشيت المرأة حلول الظلام وهي على هذه الطريق بمفردها، فجأةً توقّفت سيارة قديمة الصّنع يقودها شابّ أسمر البشرة، نظرتْ إليه المرأة وترددت في الصعود إلى سيارته، أَتصعدُ أم تبقى ؟، كانت تخشى مِن طمعٍ بها، فهي تظن أن كل من يراها سيعلم بثروتها وغِناها ويطمعُ فيها، ولكن في النهاية لم تجد أمامها حلّاً آخر سوى الصعود إلى السيارة.
وفي الطريق، بدأت المرأة الحديثَ مع الشابّ وسألته عن اسمه وعمله، فقد كان ظاهراً عليه الفقر والاحتياج، أخبرها الشابّ أنّ اسمه (آدم) وأنه يعمل سائق أجرة، فاطمأنّت المرأة إليه بعد أن لاحظت عليه أنه لم يلتفتْ أو ينظر إليها طوال الطريق، مما جعلها تعاتب نفسها وتؤنّب ضميرها لسوء ظنها به.
وقد قررتْ المرأة في نفسها أن تعطيه ما يطلب من الأجرة عندما تصل إلى المدينة، وبالفعل بعد مرور بعض الوقت وصلت إِلى المدينة فطلبت النزول، توقف الشاب وسألته كم حسابك ؟ فأجابها: لا شيء، أصرّتْ أن تعطيه بعض المال لكنه رفض تماماً وقال لها: أُجرتي أن تفعلي الخير مع مَن تجديه، ثم انصرَف.
استمرت المرأة في طريقها وهي تفكّر في تعجّب ودهشة في كلام هذا الشابّ الخلوق، حتى وصلت إلى مقهى يبيع القهوة، فدخلتْ وطلبت من النادلة كأساً من القهوة، أتتْ النادلة بالقهوة وقدمتها للمرأة، فلفتَ نظرَها شحوبُ وجه العاملة وكِبر بطنها، فسألتها عن حالها، فقالت: إنها على وشك الولادة وإنها تشعر بالتعب الشديد، فسألتها المرأة: لماذا لا ترتاح في منزلها ؟، فقالت النادلة في أسف: يجب أنْ أعمل حتّى أوفّر ما يكفي حاجة ولادتي.
ذهبت النادلة لتكمل عملها مع باقي الزبائن، ولكنها تفاجأتْ أن المرأة الثرية قد تركت مكانها، بعد أن تركت لها على الطاولة مبلغاً كبيراً جداً من المال يساوي قيمة القهوة عشرة أضعاف، ووجدتْ على الطاولة ورقةً صغيرة مكتوبٌ عليها: (تركتُ باقي الحساب هديةً لكِ)، فرِحت المرأةُ كثيراً لكنها قلبت الورقة لتجد كلاماً آخر (وتركتُ لكِ ما تحت الطاولة هديةً لمولودكِ). كادت الفتاةُ تصرخُ من السعادة والفرح وهي تُمسك بمبلغٍ يساوي 6 أضعاف راتبها الشهري، لم تتمالك دموعها واستأذنت من عملها مبكّراً وسابقت الريح مشتاقةً لـ زفِّ هذا الخبر الرائع إلى زوجها.
وصلت الفتاةُ إلى منزلها، ونادت على زوجها الذي تعجّب من عودتها مبكّراً على غير عادتها، وخشي أن تكون قد أحسّت بالتعب، ولكنّ صوتها المخلوط بالفرح والسعادة قد طمأنه قليلاً، جَرَت الزوجةُ إلى زوجها وهي تبكي وتقول : أَبْشرْ، يا (آدم) قد فرّجها اللهُ علينا وأكرمنا ❛
〄❛ ⓜⓐⓨⓐⓢ ❜〄